رسائل ابن العميد المخطوطة
ينبني هذا البحث على مفارقة تتأتى من أن كتب الأدب والتاريخ تنعت أبا الفضل محمد بن الحسين بن العميد بالجاحظ الثّاني وبالأستاذ الرئيس في حين لم يصلنا من كتبه ورسائله وشعره إلا النزر اليسير. وتشتد الحيرة لأن ابن العميد تولّى الوزارة لمدة اثنتين وثلاثين سنة. فهل أكسبته الوزارة جاها أم أن أدبه جاه فعلي ؟ وتحتم هذه الحيرة البحث عن رسائل أبن العميد المخطوطة للتأكد من منزلته الأدبية أو لللإقرار بأن جاه السياسة أكسبه جاه الأدب. وهذا ما دفعنا إلى الكشف عن رسالتين علمتين لابن العميد هما رسالة" البرق والرعد مخطوطة في المتحف العراقي ورسالة الحمرة الحادثة في الجو" مخطوطة في جامعة ليدن وعن مجموع من الرسائل في مكتبة "بوهار" وعلى ميكروفيلم في مكتبة عليجرا" يضمّ الرسائل ذاتها التي يحتوي عليها مجموع الرسائل في مكتبة بوهار". وأوردنا القرائن على نسبة هذه الرسائل إلى ابن العميد. ويجيب ابن العميد في رسالة" البرق والرعد عن أسئلة عضد الدولة في المسائل الطبيعية. وتكشف لنا البنية الداخلية للنّصّ عن أنّها تتكون من سبع رسائل يدل عليها الابتداء والانتهاء وظهور اسم الأمير عضد الدولة أو الإشارة إليه بضمير الغائب مع ما نتبينه من تنوع الموضوعات. وتجيب "رسالة الحمرة الحادثة في الجو" عن سبب ما يعرض من الحمرة وبين ما يشاهد من حمرة عند شروق الشمس وغروبها وتصدر الحمرة الناشئة في الجو عن الأجرام العلوية. ولا يفهم حدوث هذه الحمرة إلا بمعرفة مفهوم الاستحالة لأن حمرة الجو تنشأ عن استحالة الدّخان إلى نار وإلى صواعق وبينا في هذا البحث أن مخطوط مكتبة بوهار جاء أشمل من مخطوط مكتبة عليجراه. وهما يشتركان في كثير من الرسائل وخلصنا مما عثرنا عليه من الرسائل المخطوطة العلمية والأدبية الكاملة البنية أن ابن العميد يوظف الإقناع في وعد الغزاة والعصاة ووعيدهم ليعدلوا عن ثوراتهم. وهو يعمد إلى إقناع الأمير عضد الدولة حتى فيما كتب له من رسائل علمية.