اللزامة بإيالة تونس خلال القرن الثامن عشر «نخبة» في خدمة البايليك (الدولة)
تعتبر اللزمة بإيالة تونس خلال القرن 18م أداة ووسيلة لتطبيق بعض التحديثات في تعامل الدولة مع الإمكانيات الاقتصادية والبشرية المتوفرة بمناطق عديدة من الإيالة وللزامة دور أساسي في إطلاع البايليك ومن خلاله الدولة على هذه الإمكانيات. والالتزام في مفهومه العام لا يختلف عن مفهومه اللغوي إذ هو يعبر عن اتفاق بين طرفين يلتزم وفقه الواحد للآخر بالتزامات محدّدة. غير انه في هذه الحالة الطرف الأكثر أهمية هو الدولة باعتبارها صاحبة جميع اللزم وهي محتكرتها. وفحوى هذا الاتفاق تعهد الطرف الثاني - اللزام - والتزامه بأداء معلوم اللزمة نقدا كان أو عيناً، مقابل أن تتعهد الدولة بالسماح له بجمع ما يعود إليها وتحصيله من أداءات أو ضرائب فرضتها على السكان والأنشطة الحرفية أو التجارية إن اعتماد الالتزام بالنسبة إلى الأنشطة الاقتصادية والإدارية يهدف إلى تحقيق غايات جبائية، فالدولة تعول على هذه الفئات لتنظيم أماكن العمل ومراقبة الإنتاج والمحلات التجارية والمرتبطين بنشاطها أو الذين يستخدمونها. كما تعد اللزمة من منظور الحكم المركزي حلاً مناسباً لمعضلة التهرب الجبائي وتبعاتها. كما مكنت اللزمة عددًا هاما من الأعيان المحليين من الإلتحاق بالخدمة المخزنية. إذ أصبحت الإدارة بالإيالة التونسية بداية من القرن الثامن عشر في مجموعها بيد فئات محلية صاعدة وهم من أثرياء اللزامة وكان ذلك نتيجة للتوجهات الجديدة للدولة.