التحولات الاجتماعية الجديدة في ضوء التحركات الاحتجاجية بالجنوب التونسي
تعيش المجتمعات على وقع تحولات سريعة نتيجة تصاعد نسق الظاهرة الاحتجاجية في كثير من بقاع العالم، غير أنها تعرف تمايزا بحسب طبيعتها وعمقها وبنياتها المحلية. وتعتبر تجارب الاحتجاج في الجنوب التونسي أنموذجا فريدا، سواء في الحوض المنجمي على مستوي المطالبة بالتشغيل والتنمية مقابل استغلال الثروة المنجمية أو في المجتمع المحلي بجمنة في مستوى الاقتصاد التضامني، أو في منطقة الكامور في أقصى الجنوب التونسي في مستوى المطالبة بتأميم الثروة البترولية وتحقيق التنمية الجهوية
ولئن اشتركت التجارب في درجة سخط مجتمعاتها على الدولة وسياساتها التنموية الرخوة وغير واضحة المعالم من جهة البرامج والنتائج محليا، فإنها اختلفت في صيغ الاحتجاج وطرق التعبير عن مطالبها ونهجها في التعاطي مع ردات فعل السلطة وأدواتها. ولعل مرد هذا الاختلاف في الشكل يعود إلى الجوانب المجتمعية ذات الصلة بالمحلي والخصوصي، سواء في الثقافة أو في الاجتماع أو في الاقتصاد، فقد كانت هذه التجارب المحلية للظاهرة الاحتجاجية معترة عن تغير مجتمعي يحمل في جوفه عمقا اجتماعيا وتمثلا لسياسات تنموية في تحديد ملامح مجتمعات محلية تنبئ بتغير في دور الدولة التنموي وتغير تمثلها لهذه المجتمعات