شعر أبي نواس في عين "الأنا" ومنهج "الآخر" الخمريات: أنموذجا، والوصف: أسلوبا.
يتنزل هذا العمل في محاولة الإجابة عن سؤال يتصل بإشكالية العلاقة بين النصوص التراثية والمناهج المعاصرة فهل يستوجب إحياء التراث حويرا مع المناهج المعاصرة حتى يتبوأ منزلة حداثية، ويكتسب رهان التحيين؟
وإذا كان هذا التساؤل يحتاج هو نفسه - توضيحا في مستوى المفاهيم الأساسية التي يقتضي الفكر النقدي تعاملا حذرا معها لكثرة استخدامها دون وعي دقيق - أحيانا- بحدودها النظرية وقيودها الإجرائية، فإننا سنعتبر المناهج المعاصرة مفهوما دالا على الآليات الغربية التي يتزوّد بها الباحث العربي اليوم حتى لا يقرأ نصه مغمض العينين، فتنفتح له آفاق للقراءة جديدة فيها حرارة الكشف وألق الدهشة، ويتبوأ نصه منزلة حداثية تجعلنا أكثر معرفة بقيمته الثراثية وأشدَّ اقتدارا على زحزحته عن مواقعه التقليدية وتخليصه من سلطة الأحكام الأخلاقية وأعراف الجبرية المذهبية.
ولما كان اهتمامنا منصبا على تحليل أسلوب الوصف في خمريات أبي نواس، لاحظنا أن هذا الشاعر كان سعيد الحظ موفور الجزاء، لأنّ شعره نال نصيبا هاما من اهتمامات الدارسين والنقاد على أن أغلب ما كتب حوله أحاط بشخص منشئه إن تعميما وإن تفصيلا. وذهب في ذلك مذاهب متباينة أحيانا ولكنّها تكاد تجمع على أن أبا نواس شاعر وصاف، وأنه نحا بفن الخمر نخوا لم يُدركه غيره من شعراء العرب.
فكيف تلقت عين الأنا خمريات أبي نواس؟