مكانة ابن جني في التراث النحوي
يمكن تبسيطا للأمور تصنيف تاريخ النحو وضعا وتأليفا حسب ثلاث مراحل كبرى نسميها على التوالي : مرحلة الريادة ومرحلة التعميق والتعليل ومرحلة الجمع والصيانة :
مرحلة الريادة ونحددها بنهاية القرن الثامن الهجري الثامن ميلادي)، ومن المفارقات أن أمرها مجهول معروف : مجهول لأن الأعلام الذين تذكرهم من رجالها كتب التراجم لانعرف من مساهمتهم في وضع النحو واستنباط مبادئه وقواعده شيئا يساعد على رسم الخطوط الكبرى على الأقل - لتاريخ تكون المادة النحوية، لكن هذه المرحلة تنتهي بكتاب سيبويه بكتاب يدل على أن النحو بلغ من التبلور والنضج والاكتمال مابوأ صاحبه مكانة لم يتمكن أحد في تاريخ النحو من منافسته فيها ورفع هذا التصنيف إلى مرتبة قرآن النحو على حدّ عبارة بعضهم أي المرجع الذي لاغنى عنه والحكم الذي لديه القول الفصل. فمعرفتنا لهذه المرحلة مرجعها كتاب سيبويه، فهو دليل قاطع على أنها كانت مرحلة مخاض ثرية تراكمت فيها عناصر المعرفة النحوية وانصهرت شيئا فشيئا أيما استفادة من تعليم أستاذه الخليل فأخرج للناس تصنيفا لا نبالغ إن قلنا إنه وجه النحو العربي توجيها نهائيا لم تحد عنه الأجيال المتعاقبة من الخلف رغم مابرز فيها من أعلام أفذاذ وما دار من نقاش وجدال أوهم بوجود تيارات متنافسة وآراء متباينة.