تقنيات الإغراء والتأثير في ألف ليلة وليلة
انطلقنا في هذا المبحث، من اقتناع بأن ارتقاء الآثار الأدبية إلى مصاف الآداب العالمية أمر مشروط بتوفّر جملة من التقنيات الكفيلة بمخاطبة الإنسان في متسع الزمان والمكان. ووقفنا في ألف ليلة وليلة على ثلاث تقنيات بارزة فيه، رأيناها مصدر سره وسحره وإثارته وتأثيره أولاها تقنية التعليق والإرجاء، وبها أخرت شهرزاد النّهاية وضمنت حسن الإصغاء؛ وثانيتها تقنية الرمز ،والإيحاء وبها أثقلت الأثر بالإشارة والإيماء، وأثارت الذهن بالألغاز داعية إياه إلى اكتشاف غوامض المعاني والدلالات؛ وثالثتها تقنية المبالغة والاستقصاء في تصوير مشاهد الجنس، وبها أوقدت جذوة الحسّ في الإنسان فإذا هو شهوة تتقد وجسد يسعى. بهذا يحقق الأثر مطلبا نفسيا سبيله دفع الرتابة وصرف الملل بتنويع طرائق الحكي والمراوحة بين فنون الكلام، ومطلباً حسيًّا مصدره ما يعيشه متلقيه من حالات الإثارة والإغراء، ومطلباً عرفانيا وتأويليًّا منهجه إدراك المجهول انطلاقاً من المعلوم، وتعلّم المفاهيم الجديدة انطلاقاً من التجارب المعيشية المعروفة وتبين مدلولات الرموز وفك غوامض المعاني.
وبهذا يوحد ألف ليلة وليلة بين ملكات الذهن والحس والشعور توحيداً يتيح له التوجه إلى الإنسان وقد تجمعت أبعاده.